قصة أم 44
د.صديق الحكيم
(للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولاتفتيشها إلا بأمر قضائى مسبب وفقاً لأحكام القانون )المادة 44 من الدستور المصرى
جاء زوار الفجرفى وقت السحر
دقوا على الباب الخارجى بعنف
لم يرد أحد
لأنه وقت طبيعى للنوم
وليس وقتا لإستقبال الزوار
لم يطل انتظارهم كثيراً
لأن الصبر لايعرف إلى نفوسهم طريق
دخلوا إلى البيت بعد تحطيم الأبواب
وكسر الشبابيك
اتجهوا مباشرة إلى مضاجع الحريم
دون مراعاة لنخوة أو دين
لأنهم شرذمة منتقاة على الفرازة
ويسيقظ الطفل الرضيع حسين مفزوعاً وباكياً
ويهرب الى حضن أمه نوارة المنكمشة فى ركن الحجرة المظلم
وتقوم الجدة المريضة من سريرها على مهل
وتجلس عند طرف السرير
لتجد أحد الزوار وقد أمسك بكشاف فى يديه ونور قوى ينبعث منه يصدم عيون النائمين الاّمنين يكاد برقه يخطف أبصارهم
حاولت الجدة المتعبة أن ترفع نظرها لتجد رأس ذلك الشئ الواقف بجوار سريرها مباشرة
وأخيراً وجدت وجدت عينين جاحظتين تحملقان فيها وفم مفتوح فى بلاهة تنم عن غباء محدق
فوقه تجمع كثيف من الشعر المرصوص
طوليا وفى أطرافه شعر ممتد بالعرض خارج حدود الوجه المكوركان يوصف فى عصر الرجال بالشارب
كل ذلك محمول على جبل من الثلج يكاد يلامس سقف الحجرة
يهوى بيده الغليظة على سرير الجدة
يزلزل السرير بكل من عليه
ويخرج من فمه صوت كالرعد
يلقى الرعب فى قلوب الجميع
يلقبه زملائه بخميس الخرتيت
الجدة والأم والحفيدة والحفيد
أين هو ؟
ترد الجدة من ؟
الخرتيت :حسين أحمد على
الأم :ما له حسين عمل إيه
الخرتيت :عمله أسود
يأتى صوت من خلف الخرتيت
إنه المساعد رجب
وجدته ياخميس
ويرد عليه خميس الخرتيت :لسه يا فندم جارى البحث
وتكرر الأم :ما له حسين عمل إيه؟
يرد عليها الصوت الصادر من خلف الخرتيت
إنه عكرصفو الأمن والسلم وحاول قلب نظام الحكم
ابنى حسين عمل كل ده
يرد عليها خميس هو فين ؟
أين تخفيه؟
تمام يا فندم عثرنا على الإرهابى
ويمسك خميس بأم حسين من شعرها الأسود بلون تلك الليلة
فتحاول أن تسكت رضيعها الذى يبكى وتضع فى فمه الببرونة
ويعاود الخرتيت سؤال الأم أين حسين أحمد على
ويعلوالصوت الصادر من خلف الخرتيت
المساعد رجب : قبضت عليه يا خميس الزفت
تجيب الأم على الخرتيت هذا هو ابنى حسين أحمد على
يجيب الخرتيت على الصوت الصادر من خلفه
وجدنا الإرهابى يا فندم
أحضره حالاً
ما قدرش يا فندم
لماذا يا خميس الزفت
لأنه بيرضع يا فندم
بيرضع ما بيرضعش أحضره حالاً
تمام يا أفندم
ويجهز الخرتيت على الأم ويخطف منها رضيعها
ويسلمه للمساعد رجب
فيأخذه المساعد ويسلمه للضابط الشاب ذو النجمة اليتيمة الواقف خارج البيت يدخن سيجارة فى الهواء المنعش الذى عكره بزفيره المختلط بالقطران المحترق
فيقول له الضابط من هذا؟
هذا هو الإرهابى المطلوب حسين أحمد على
وتخرج الأم مسرعة خلف من خطف رضيعها
لتجد الضابط ومعه المساعد والخرتيت
يا حضرة الملازم هذا هوابنى حسين
رجع الرضيع لأمه يا رجب الزفت وفتش عن المطلوب
وهنا تتمالك الأم نفسها وتسد الباب بجسدها النحيل
محاولة منع خميس ورجب من الدخول
وتمر بذاكرتها السنوات الأربع التى درست فيها القانون
وكيف فضلت أن تجلس فى البيت بعدما رفضت ممارسة المحاماة فى جو يسوده الأخلاق الفاسدة
وتقول للضابط لماذا ترهب الناس الاّمنين فى بيوتهم؟
هل معك أمر قضائى مسبب للتفتيش؟
يرد الضابط فى تهكم وهو ينظر إلى المساعد رجب وخميس الخرتيت ودخان السيجارة يتصاعد من بين يديه
أمر قضائى
نعم امر قضائى حسب المادة 44 من الدستور
يتمتم الضابط اّه مادة 44 من الدستور
دستور إيه ياماما إحنا فى حالة طوارئ ونبحث عن إرهابى
وينظر إلى المساعد رجب وخميس هاتوا الإرهابى حسين
والست أم 44
تمت فى 7/2/2011
الخبر الشمالية - السعودية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق